طريق الهداية - الحج

عنوان الحلقة: موضوع الحج

تقديم علاء بسيوني

سؤال: ما علاقة البِدع بالاسرائيليات؟ وما الفرق بين البدعة الحسنةوالبدعة السيئة؟ وما قولكم في زيارة المسجد النبوي والسلام على الرسول r وزيارة شهداء أُحُد؟

المسلمين يجب أن لا يجروا على ما جرى عليه اليهود (هذا ما وجدنا عليه آباءنا). وفق الحديث الشريف : " شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " وفي رواية ضعيفة "وكل ضلالة في النار" وما يقال عن البدعة الحسنة التي يعتمد من قالها على قول عمر بن الخطاب حين قال نعمت البدعة لكنه لم يقرّها وهذا كان في جمع المسلمين على صلاة التراويح ولقد أخرجت هذه البدعة المسلمين من قيام الليل طوال العام إلى قيام الليل في رمضان فقط وهذا عيب البدعة. وعيب البدع أن الناس فشلوا في تحريف القرآن وهدم الدين فدخلوا من طريق آخر ألا وهو طريق الحديث النبوي. لا توجد أمة قبل الاسلام شُرّفت بالقرآن وما يماثله من السنة وهذا الأمر يحتاج إلى وعي فالسُّنة وُضِعت في التشريع بعد القرآن وقد نجح الأعداء في وجود الحديث الموضوع والضعيف والمسألة ليست على هوانا وإنما يجب الرجوع إلى الرسول r ونسأل هل فعل r هذا الأمر؟ وهل فعله أحد الصحابة؟ القرآن دستور هذه الأمة ومعارضتنا للبدع يكون وفق كلام العلم الحجة بالحُجّة والقرآن بالقرآن وقد تطرقنا سابقاً إلى ما جاء في قراءة سورة يس على الميت ووصول ثواب القرآن للأموات في حلقات سابقة وقلنا أن من قال أن "لكل شيء قلب وقلب القرآن يس" يدخل في قضية خلق القرآن وأنه مخلوق والمخلوق يموت والشيء يفنى والمخلوقات تهلك أما الخالق فباقي والقرآن كلام الله تعالى فهو باق ولهذا لا يمكن أن يكون هذا الحديث صحيحاً, ونقول أن من مات لا ينفعه إلا ما قد أسلف من عمل صالح أو دعاء الصالحين له وأسأل إن كان عملي ينفع الميت فهل يضره ضرري؟ ولو أسأت في عمل ما فهل يعاقب عليه الميت ويتحمل السيئة عني؟ هذه فكرة يجب أن نرفضها لأن فيها نقطة تكاسل الأحياء يتكاسل الآباء ويقولون أبنائي يقرأون لي بعد موتي. وأصل القاعدة (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) وأحاديث الرسول r الصحيحة في هذا الباب نجدها كلها موجهة للأحياء "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له" والثلاث هذه هي من عمل ابن آدم وسعيه. في الخطاب القرآني للرسول r (وما أنت بمسمع من في القبور) نفهم أن القرآن لا ينفع الأموات وعندما تكلم الرسول r وعلي بن أبي طالب مع أهل القبور كان الخطاب مقصوداً للأحياء. زيارة القبور التي وصى بها r هي للعِظة وقال تعالى (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) عمله هو وليس عمل الآخرين. والرسول r كان يتعوذ بالله تعالى من الكسل ويقول الشافعي: ما حكّ جلدك مثل ظفرك فتولّ أنت جميع أمرك. وعندما مات ابن الرسول r ابراهيم لم يقرأ عليه يس ولم يجمع الصحابة للقراءة لكنه وهو يحتضر قال له: إذا جاءك ملكي القبر فقل الله ربي والاسلام ديني ورسول الله أبي فبكى عمر وقال يا ليت أم عمر لم تنجب عمر. والرسول r قال لعلي وفاطمة : اعملوا فما أغني عنكم من الله شيئاً.

(إن أول بيت وُضع للناس للذي ببكة) لماذا جاءت الآية بالناس وليس المسلمين؟

من فسّر الآية على قاعدة أنه أول من بنى البيت ابراهيم فقد ظلم الناس قبل ابراهيم. القرآن كلام الله تعالى ولننتقل إلى بعض المشاهد عندما أمر الله تعالى ابراهيم u أن يؤذن في الناس بالحج فهم ابراهيم كلمة الناس بأنه تشمل الناس من عهده إلى يوم القيامة فقال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ فقال تعالى عليك الأذان وعلينا الإبلاغ وهذه مهمة الله تعالى في شخص الرسل تتعاقب الرسل بعد ابراهيم u إلى العصر الذي فيه الاسلام دين وديانة واستعمال فعل (وُضِع) في الآية بصيغة المبني للمجهول تفيد أنه لم يُسمى فاعله أي أن الذي بنى البيت ليس ابراهيم u ومن القرآن نفهم هذا في قوله تعالى (وإذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت) استخدام (من) تفيد أن البيت موجود والآية تؤكد هذا المعنى (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت) فالبيت موجود من عهد آدم u والناس كلمة تشمل الجنس البشري من عهد آدم إلى يوم القيامة. آدم u حجّ البيت ثم غطت عوامل التعرية البيت وبقي الموجود منه سطحه وهو مغطى بالرمال فالآية تدل على أن الله تعالى وضّح مكان البيت لابراهيم r والآية (وإذ يرفع ابراهيم القواهد من البيت واسماعيل) تدل على اشتراك ابراهيم واسماعيل. التطهير الأول في عهد ابراهيم وحده (وطهر بيتي للطائفين والقائمين) والتطهير الثاني للبيت مع اسماعيل (وأن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) عندما توجد للجدران تظهر كلمة العاكفين والقرآن يعطي التعبير المطابق (القواعد من البيت) وليس للبيت وهذا دليل على أن القواعد موجودة. الآية تعطي شيئاً عظيماً هذه المنطقة وهذا البيت (أول بيت وضع للناس) تعطي معنى الصلاة فيه والصلاة إليه (القبلة).

ما الفرق بين الصلاة فيها والصلاة إليها؟

البيت يُعمل على مراد الله تعالى من بدايته إلى نهايته أما المساجد الأخرى أو البيوت الأخرى فيمكن للإنسان أن يختار أي قطعة أرض يبني عليها وكل مسجد يجب أن يأخذ جزءاً من حرمة المسجد الحرام الذي هو البيت الأول العتيق القديم ولهذا تكون قبلة المسجد للمسجد الأول أي المسجد الحرام. وإذا عملنا دائرة مركزها الكعبة تجد كل الدوائر حولها قبلتها تتجه إليها ولهذا الطواف دائرة . البيت نفسه تصلي فيه وأنت فيه وعندما تبتعد عنه تصلي إليه (فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره). البيت وُضِع للناس فاختاره الله تعالى وحدده ووضعه أما البيوت الأخرى فهي اختيارنا لكن عند القبلة نعود الى اختيار الله تعالى. أي مسجد يصدر منه الأذان فهو بيت الله (وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا) ولهذا يستحب أن تسمى المساجد مثلاً مسجد الرحمن، مسجد الغفار ولا تسمى بأسماء من يبنيها أو يتبرع بها أو اسم آخر لأن أي مسجد تدخله تحدد القبلة باتجاه البيت الحرام وتصلي فيه ركعتين لله تعالى وتعتني به . في البيت الحرام ليس له ركعتين تحية وإنما طواف من حيث تدخل فكأنك بالطواف تحدد لقلبكك القبلة وأنت بعيد. وظيفتك قبل الصلاة في المسجد الحرام تحية البيت أي الطزاف وبهذا الطزاف تحدد علامات القبلة والطواف سبعة أشواط وحتى عندما تكون بعيداً عنه (فولّ وجهك شطر المسجد الحرام). وفي التشهد في الصلاة أنظر للقبلة أمامك كأنك ترى الكعبة فهذا البيت هو مركز الكرة الأرضية كما أن البيت المعمور مركز السماء وهناك من شبّه أن البيت المعمور لو سقط على الأرض يسقط على الكعبة تماماً.

القبلة للمصلي حتى تكون مادية ومعنوية والطواف سبع مرات كأنك ترتقي في كل شوط إلى سماء ثم في الصفا والمروة كأنك راجع من السماء السابعة وهذه هي الحكمة والله أعلم من السعي بعد الطواف إاذ أردت الرجوع من رحلتك إلى السماء تذهب للسعي. وتعبير السعي له مدلول (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن فرض فيهن الحج) المفروض لأنك وأنت تعمل المناسك من حيث طزاف القدوم للحج أو العمرة أو سعي الحج أو العمرة المفروض أن لا تكلم أحداً ولا تقرأ في كتاب وإذا نظرنا لأهل العلم نجدهم لا يحملون كتاباً يقرأون منه ولا يحملون مصحفاً ولا يرددون الدعاء خلف أحدهم وإنما ينشغلون بشغل القلب في الطواف وبشغل القلب قي السعي.

الطواف سبعة أشواط كأنك تريد في كل شوط الارتقاء إلى سماء حتى تصل الى السماء السابعة ويجب أن نعيش الأحداث وعلينا أن لا نقول أننا نلف أو ندور حول الكعبة كما يقول البعض وإنما نقول أننا نطوف وهناك تعبير عن الملائكة بأنهم طوافون. ونحن طوف لجهة الشمال تجاه الكعبة لسببين أولهما كأني بالله تعالى يقول لنا علّقوا قلوبكم بالكعبة لأن القلب يكون من جهة الكعبة عند الطواف وثانيهما أنك أنت أساساً لو سألت أحد أهل العلم ما الحج؟ يقول فرض وتوجد تعبيرات تسمعها من الناس بأنهم يقولون أسقطت الفريضة أو لماذا تريد أن تحج؟ فيجيب أريد أن أحج حتى يغفر الله تعالى لي. السنوات التي مضت من عمرنا كانت تسير باتجاه عقارب الساعة وعند الطواف في عكس اتجاه عقارب الساعة حتى يوقّع في داخلنا كأننا نريد أن نرجع الزمن حتى يمحى ما فات من الذنوب وكأني بالله تعالى يقول لنا رجّع زمنك بالطواف والاستغفار. وهل من الصدفة أن أنواع الحج الثلاثة (القارن والمتمتع والمفرد) يبدأون جميعاً بالطواف؟ هذا ليس من باب الصدفة . نحن نذهب للحج لأداء الفريضة تماماً كما نؤدي فريضة الصوم والصلاة والزكاة وللأسف انصرفت هذه الفريضة في عصرنا لأمنية طلب المغفرة يفعل الانسان ما يشاء ثم يقول سأحج ويغفر الله تعالى لي ما فات من ذنوبي. كل ما يتركه الحاج وراءه من ماله وأهله لأداء الفريضة وطلب المغفرة من الله تعالى فالحج له وقع غير طلب المغفرة ألا وهو أداء الفريضة والله تعالى فرض علينا فريضة وجزانا بمغفرته (الأمل بالمغفرة) وحتى الصلاة للبيت نصلي للصلاة والبيت بهذا المفهوم سواء زرته بمعنى الأمل بالمغفرة وكذلك الصلاة.

ما سبب تشبيه الخير والشر بالظلمات والنور؟ الله تعالى سمى القرآن نور والله تعالى قال عن ذاته نور (الله نور السموات والأرض) والملائكة خُلقت من نور والمسلم الطائع نوراني فهل هذا مرتبط بالطواف سبعة أشواط كأننا ذرات تطوف حول النواى حتى تكون منظومة نورانية للارتقاء بالبشرية إلى الملائكية النورانية؟

(الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) الانسان من ساعة تقديم طلب للحج يجب أن تختلف نفسيته وأخلاقه (في الأشهر وليس فقط في أيام الذي يكون فيها في الحج) والله تعالى حسب حساب الناس التي حجّت على الدواب من زمان لدرجة أنه تعالى قال (يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) رجالاً أي المحيطين بالبيت. الكلام في عهد ابراهيم u القرآن يصلح لكل زمان ومكان الرسول r حج على الناقة والقرآن عمل صيانة احتمال فقال (وعلى كل ضامر) فماذا نقول عن الذي يحج في القرن 21؟ في اللغة وجدنا أن كلمة ضامر تنفع للطائرة والباخرة والسيارة لأنها تضمر من بداخلها أي تستره يقال أضمر في نفسه ومن هذه الكلمة اشتقت كلمة ضمير لأنه داخلي فهذه الآية إذن تصلح إلى يوم القيامة فالذي حج على جمل ضامر وفي باخرة أو طائرة أو سيارة فهو ضامر. ومن يوم قدّم المسلم للحج يمتنع عن الرفث والجدال والفسوق حتى يرتقي من البشرية الى الملائكية المبتغاة وكأنها تدريب على أيام الحج كما في الصيام نصوم عن الأكل والشراب ولو صمنا صيام مريم عليها السلام لكان صيامنا يرتقي بنا من البشرية الى الملائكية المبتغاة .

الرفث قالوا أنه مقدمات الجماع والجماع وأطلقه علماء اللغة على كل شيء فيه شطط. أما الفسوق فهو عكس الإيمان والتقوى ودرجات الايمان والاحسان. وأما الجدال فهو المجادلة ويجب على الحاج أن يمتنع عن الجدل وإنما يسمع ويطبّق. هذه الجزئيات ينبغي أن توقع في قلوبنا سواء ذهبنا للحج أم لم نذهب لأن الله تعالى بارك في هذه الأشهر. ومما ينبغي علينا فعله في هذه الأيام صيام يوم عرفة لغير الواقف بعرفة وهذا يعطيه الشعور بأنه واقف مع الحجيج في عرفة والذي لم يذهب للحج لا يقطع الأمل (ومن أقام على عذر كأنه راح) وصوم هذا اليوم يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده كما أخبرنا الرسول r.

(ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) آية صعبة التكليف لكن فيها قوله تعالى (من استطاع إليه سبيلا) العلماء بإجماع قاولا أن الاستطاعة تكون في الصحة البدنية والمالية على حد سواء فإذا قدرت على واحدة فقط فأنت غير مستطيع.

اماذا استخدم القرآن كلمة الناس مع أن المسلمين فقط هم الذين يحجون؟ فهل تعني أن الاسلام هو الفطرة للناس جميعاً؟

نعم ولكن كلمة الناس عند الله تعالى يستوي فيها المسلم وغير المسلم لأن غير المسلم مسلم أيضاً (وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرها) عندما يفيق غير المسلم من النوم لا يستطيع أن يفعل شيئاً إلا بتوفيق من الله تعالى فهو مسلم. قال تعالى (لله على الناس حج البيت) لأن المعاني (الارتقاء، الصعود للسموات، التطهر) في البيت (إن أول بيت وضع للناس) في إطار أن الله تعالى لا يحرم أحداً من هذا البيت ولهذا اختار كلمة الناس فالكل بالنسبة لهذه النعمةلأنها فعلاً تعمة وعلى الذي يحج أن يوقع هذا الكلام في قلبه.

ما دلالة استخدام (بكة) بدل مكة؟

كل ما قبل في هذا الموضوع نوافق عليه وأهل الغة قالوا إنها لغة (بكة) وأختار القول بأن بكة مكان البيت ومكة هي البلد البيت في بكة التي هي داخل مكة. لماذا بكة؟ لأن البيت يبكّ الناس فيه ليل نهار لا يمكن أن تجده فارغاً أبداً وساعة ترى الامام وتتحقق كلمة بكة ونقول الحمد لله الذي استجاب دعوة ابراهيم u (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) فالفقير يوفر حتى يذهب للحج والكل يريد الذهاب والذي حج سابقاً يريد أن يعود للحج وهذا جمال لباس الاحرام الذي يوحد الجميع في لباس واحد لا فرق بينهم إلا بالتقوى.

ما هي عناصر البركة في البيت في الآية (إن أول بيت وضع للناس الذي ببكة مباركاً)؟ وهل زمزم جزء من البركة وهل من ضمن البركة أن تخرج من هذا البيت البركة الكبرى وهو محمد r؟

دعوة ابراهيم u هناك معنى يستقر في القلب فالبداية عظيمة بالتغطية بدليل قوله تعالى (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت) وهذا المكان بعد أن حج إليه جميع الأنبياء والأمم السابقة وبعدما تغطى البيت بفعل عوامل التعرية من نوح إلى ابراهيم u هذه هي المسألة يوجد بيت أو لا يوجد؟ كانت المنطقة فارغة في البداية وأول قدم وطأتها وأول بركة فيها هو ابراهيم u نبي وابن نبي (اسماعيل u) وهذه بركة والبركة الثانية محمد r وعندما قال تعالى لابراهيم u (وأذّن في الناس بالحج) قال ابراهيم وما يبلغ صوتي فقال تعالى عليك الأذان وعلينا الابلاغ فصعد ابراهيم u فوق جبل أبي قبيس ونادى يا أيها الخلائق إن ربكم بنى بيتاً فحجوه فأجابت الأرواح في عالم الغيب الأمين الذين كتب الله تعالى لهم الحج في ظهور آبائهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. وتحقيق هذا في القرآن الكريم قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسكم ألست بربكم قالوا بلى) وبلى تستخدم للإجابة على سؤال منفي بالاثبات يعني بلى أنت ربنا ولو قالوا نعم تعني (ليس ربهم) ولو قالوا لا تعني لا (أن تقولوا يوم القيامة) ولا أحد يمكنه أن يقول يوم القيامة كنت غافلاً أو لم تصلني الرسالة والقاعدة الأصولية من عهد آدم إلى يوم القيامة في القرآن (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) لا يعذب الله تعالى أحداً إلا أن يرسل لهم رسولاً ولهذا حين ننظر الى دخول الجنة لن نجد فيها مشكلة أما المجادلات والمناقشات فستكون في دخول النار والفيصل (ألم يأتكم نذير) فالذي لا يسمع كلام رسول الله r يقول يوم القيامة (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) لأن العهد والميثاق من الله تعالى في عالم الذرّ وكأن الحج متمم للأركان ومكمّل للدين بدليل ساعة حج محمد r قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) الاسم دين وديانة.

كلمة لبيك في التلبية للحج هي إعلان التوحيد وهي تعطي معنى وهي أخص خصائص الحج (لا شريك لك لبيك) إن الحمد لله رب العالمين والنعمة لك يا رب ولا توجد نعمة إلا من الله تعالى والملك لله تعالى فالحمد بإطلاق والنعمة بإطلاق والملك بإطلاق.

ما دلالة استعمال أتممت وأكملت؟

الإكمال يكون للشيء الذي فيه أجزاء والإتمام يكون للشيء الذي هو وحدة واحدة ليس فيه أجزاء.

الزكاة لا تكمل الصلاة وإنما تتمم الأركان (وأتممت عليكم بالحج نعمتي ونعمتي هي نعم كثيرة لأن الصلاة نعمة والزكاة نعمة لأن الذي يدفع الزكاة للفقير عليه أن يقول الحمد لله الذي أرسل لي من يحمل حسناتي إلى الآخرة. فالزكاة تتمم والصدقة تكمل وهذا هو الفرق بين الفرض والنافلة. إذا وجدت مسلماً جائعاً فاعلم أن هناك من لم يُخرج الزكاة وإذا وجدت المسلمين في ضيق فاعلم أن هناك من لم يخرج الصدقة.

ما الحكمة من النوافل؟

نجد أن الرسول r عمل السنن وهذا حتى لو جادلك الشيطان عندما تقوم للصلاة يجادلك في الشفع والوتر وليس في فرض العشاء مثلاً فقد تتكاسل عن صلاة السنة وتصلي الفرض لكن إن كنت تصلي الفرض فقط وجادلك الشيطان فقد تتكاسل عن أداء الفريضة. ساعة حج رسول الله نزلت الآية بعد أن اكتمل الدين وتمّت النعمة. ونسمع الآن من يقول كل سنة أنها أزحم سنة في الحج لكن في الواقع أن أزحم سنة على الاطلاق هي التي حج فيها رسول الله r لأنه ساعة علِم الناس أن الرسول r سيحج في ذلك العام خرجوا جميعاً للتأسّي به (خذوا عني مناسككم) ولا يبتدعوا عن رسول الله r ما لم يفعله ويجب علينا أن نحارب البدع التي تحصل ويجب أن ننتبه للمعاني في الحج. الصحابة رضي الله عنهم عاشوا المعاني في القرآن وكان وكان أحد الصحابة يستجمع كل المعاني بعد الوضوء فيقول كنت أتوضأ وأتتوقف استجمع كل الحواس والجوارح قبل الدخول في الصلاة. ومن أراد الحج أو العمرة عليه أن يتدبر ويستجمع حواسه لأنه لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وكلام الرسول r عن الطواف (الطواف صلاة إلا أنه فيه كلام والكلام هنا هو الدعاء أو أن تسأل أي شوط أنت فيه للتأكد ولكن ليس كما يفعل البعض من التحدث على الهواتف ومع رفاقهم فهذا مما لا يليق خلال الطواف والطواف نسك في عبادة وليس وقتاً أن يسأل الناس عن أي شيء. ويجب أن يكون المسلم الذي ينوي الحج توّاق لمعرفة كيف حج رسول الله r وصفة حجه واعتماره ومن كلام الصحابة كانوا يقولون : كنا ننظر إليه ونستمع إليه وكأن على رؤوسنا الطير وكانوا متعلقين برسول الله r تعلّق المسلم بالكعبة.

مكة وتوسكها في الأرض: الحج في اللغة هو القصد (ولله على الناس حج البيت) لكن بعد الاسلام ورسالة محمد r أصبح للحج اصطلاح ولم يعد المعنى اللغوي يفي بمراد الله تعالى من الكلمة الحج بعد محمد r هو قصد هذا البيت. كأن العمرة حج لكن تحتاج لشيء آخر تخصص لها خصوصية مسموح بها في أي زمان غير زمن الحج (فمن حج البيت أو اعتمر) وعندما يعنمر المسلمون لا يقفون على عرفة والعمرة عند بعض أهل اللغة حج كبير لأن الحج هو يوم الحج الأكبر والأقل من الأكبر كبير وهذا ما جعل الشافعي يقول أن العمرة فرض وليس سُنّة وحجته هذه الآية (وأتموا الحج والعمرة لله) هذا أمر وأنا آخذ من المذاهب ما يصلح ديني وآخرتي.

بُثّت الحلقة بتاريخ 16/1/2005م